كيف لا تقول نعم عندما تريد أن تقول “لا”


قد تستغرب كيف يقول أحدٌ نعم وهو يريد أن يقول لا

  • لقد رأيت في عيادتي الكثير من الرجال والنساء قالوا نعم للزواج في حين كانوا يريدون أن يقولوا لا.  والنتيجة كانت في كثير من الأحيان الطلاق.

  • لقد رأيت في عيادتي من قالوا نعم في حين كانوا يريدون أن يقولوا لا، لطلب زميل أو مدير.. وكانت النهاية قضاياً أدت إلى التحقيق والمساءلات.

  • لقد رأيت في عيادتي الكثير ممن قالوا نعم في حين كانوا يريدون يقولوا لا، لإنسان طلب مساعدة في تحويلات مالية، فوجدوا أنفسهم متورطين في جرائم مالية.

  • لقد رأيت في عيادتي من أخذ قرضاً يُقْتص من راتبه، فعرف من عرف، وطلبه منه، فقال له نعم في حين أنه يحتاجه لزواجه الذي حُدِّد بعد شهرين، وكان يريد أن يقول لا، وكانت التنكر والقطيعة إلى يومك هذا.


أنت…

هل طلب أحد منك شيئاً، فوجدت نفسك تقول مباشرة وقبل أن تعرف تفاصيل الطلب أو تستوعب المطلوب منك: أفا عليك.. بسيطة.. سَمّ .. أبشر.. إزهلها.. على خشمي.. أبرك ساعة.. اعتبر الموضوع منتهي؟


في هذا الموضوع سنناقش أهمية أن تقول “لا” بثقة، وكيف تقولها مع المحافظة على علاقات متوازنة وحياة مستقرة.

قول "لا"، قد يكون صعباً على الكثير منا، لأنه غالباً ما يرتبط كما سلف بصفاتٍ لا نحبها كالأنانية أو الوقاحة أو العيب.  والحقيقة على العكس من ذلك، فإن قول “لا” في وقتها، يعني أنك تعرف قدراتك والتزاماتك الزمانية والمالية وغيرها… ولذلك تنحاز إلى نفسك وتحرص عليها.

كلنا تعلمنا حب الخير والمساعدة وترك الأثر الطيب عند الناس، وأن الصديق للصديق و “مالك إلا رفيقك”، و” الناس للناس والكل بالله”.  كل هذا جميل، ولكن: هل يجب أن تقول نعم دائماً لتكون إنساناً طيباً أو خلوقاً أو خيراً؟


أكثر ما يضغط  علينا في هذه المواقف هو تفكيرنا فيما سيقولون عنا، وما سيفكرون به عنا. هذه المشاعر مزعجة جداً، لأننا نتصور أننا أخطأنا التصرف بقول “لا”، وأن هذا التصرف فيه أنانية، ومن ثم نشعر بالإحراج وتأنيب الضمير، فنقول نَعَماً نقصد بها لا.


متى يجب أن تقول “لا” بلا تردد؟

  1. عندما تكون مشغولاً أو لا تملك ما يمكن أن تقدمه للطرف الآخر.

  2. عندما لا تستطيع الإلتزام بما يتبع قولك “نعم”.

  3. عندما لا يكون قلبك مرتاحاً لقول “نعم”.

  4. عندما تشعر أن دافعك لقول “نعم” هو مشاعر سلبية مثل الإحراج أو الشعور بالذنب، أو مخاوف من الرفض أو خسارة الطرف الآخر.

  5. عندما تشعر أن الطلب غير منطقي أو فيه مخالفة للدين أو القوانين التي تنظم حياة الناس.

  6. عندما تعرف أن الطرف الآخر يحاول استغلالك أو يقدم مصلحته على مصلحتك.


نقطتان هامتان:

  1. تذكر أنني لا أدعوك أن تحمل لواء “لا” في كل شيء. ستحتاج إلى الناس حتماً، والناس سيحتاجون إليك.  فإذا كان المطلوب منك سهلاً وبمقدرتك المساعدة فلا تتردد.  أما إن كان هناك ما يمنعك مثل عدم قدرتك جسدياً أو مادياً أو أنه لا وقت لديك… الخ، فهنا يجب ألا تقول نعم وأنت في داخلك تريد أن تقول “لا”.

  2. عندما تقول “لا” فاعلم أن “لا” جملة كاملة مفيدة

    إذا طُلِب منك أن تفعل شيئًا وشعرت أنك لست قادراً أو مرتاحًا، فقل “لا" وحدها مباشرة وبلا إضافات.


هذا الأسلوب يحتاج قدراً من الممارسة، لأنك تعودت أن تفسر دائماً لماذا تقول “لا”. لذلك: تذكر أنك لست مديناً لأحد بتفسير.  “لا” هي جملة مفيدة كاملة لا تحتاج إلى مزيد من التفصيل.

ولك كل الحق في أن تقول “لا دون إعطاء تبرير أو تفسير، خاصة.. إذا كنت تعرف من الطرف الآخر العدوانية، أو الوقاحة، أو الإستغلال، أو أنك لأي سبب آخر لم تكن مرتاحاً لقول “نعم”.



هل تشعر أن الموضوع صعب؟ تقول:“لا” فقط؟ وبعدها الصمت؟

أتفق معك… 

ليس المقصود أن تقول “لا” بهذه الفجاجة دائماً، وإن كان هذا هو كل ما يتطلبه الأمر أحياناً.

في اللغة العربية يمكنك أن تقول “لا” بمفردات مختلفة واثقة لا تخلو من اللطف والأدب مثل “لا والله” ، “لا أستطيع”، “أعتذر منك”، “كان بودي أن أخدمك”… الخ، لكنك إلى هنا قلت “لا” فقط.. ولم تقدم تبريراً لست مضطراً إلى تقديمه.  قلتها بثقة ورُقِيّ.. وهذا يكفي ..

أما لماذا قلت “لا”؟ فهذا من شأنك، وقد ترى لاحقاً إن كنت ترغب أن تبدي أسباباً للبعض ولكن بالتأكيد ليس للكل.